الأربعاء، 22 أبريل 2009

في ضوء القمة العربية‏:‏ كيف نتعامل مع أمريكا ـ أوباما المصالحة العربية ـ بما فيها الفلسطينية ـ أساس التحرك

مضي سبعة وسبعون يوما علي تنصيب‏'‏ باراك أوباما‏'‏ رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ومع انه لم تكتمل المدة التي يحددها أي رئيس أمريكي جديد ـ وهي مائة يوم ـ قبل ان يفصح صراحة عن سياسته الخارجية‏..‏ فإن‏'‏ أوباما‏'‏ بتأثيرات أصوله ودراسته الأكاديمية وأفكاره‏..‏ سارع و‏..‏كسر القاعدة وحدد مسارات مختلفة جذريا عن سلفه ـ الموصوف بأنه أسوأ رئيس أمريكي ـ فتحدث عن الاسلام وذكر المسلمين قبل اليهود في خطابه الرئاسي دون الربط بينهم وبين أعمال العنف والارهاب‏..‏ وتجاهل ما كان يسمي محور الشر مبديا الاستعداد لحوار مع ايران وسوريا‏..‏ واكد علي ضرورة قيام دولتي فلسطين واسرائيل أساسا للاستقرار والسلام في الشرق الأوسط‏..‏ وهكذا تغيرت السياسة الأمريكية المعلنة مما يحتم علينا ـ فرض عين ـ ان نتعامل مع الادارة الجديدة ـ دون افراط في التفاؤل وانما باساليب مستحدثة يجب اساسا ان تنطلق من موقف عربي يلتزم باستراتيجية شاملة يؤمن بها عرب متصالحون وليس متخاصمين أو متناحرين‏..‏ وهذا بدوره جعل الندوة تقترح مجموعة من التوصيات بأمل سرعة تنفيذها‏..‏ ومنها تأسيس منتدي استراتيجي عربي والاهتمام بتنشيط الجاليات العربية في الخارج والتحرك بزيارات علي كل المستويات الي الولايات المتحدة واللقاء والتحاور المستمر‏..‏ وكنا قد قدمنا الندوة ليبدأ الحوار‏:‏

*‏ الدكتور محمد عبد اللاه‏:‏ ان هناك بالفعل متغيرا أساسيا حدث في الولايات المتحدة الأمريكية بانتخاب الرئيس باراك أوباما‏..‏وهذا ما أجمعت عليه وسائل الاعلام والخبراء في العالم‏..‏ومنذ ظهور النتائج وسائر الدول تنتظر ماذا سيحدث وبالنسبة للولايات المتحدة نفسها فقد كان لها معني كبير يثبت طبيعة‏'‏ البوتقة الأمريكية‏'‏ التي تتفاعل فيها جنسيات مختلفة وتفرز انتخاب رئيس من أصل افريقي اسلامي وهذا أمر غير مسبوق‏.‏أما اذا تناولنا خطاب أوباما فاننا نجده تصالحيا أعرب فيه عن احترام الاسلام وانه‏'‏ ليس لدينا مشكلة مع العالم الاسلامي‏..‏وانما مع الارهاب الذي سنحاربه وننتصر عليه وبالتالي فانه لم يربط بين الاسلام وبين الارهاب‏.‏أيضا فانه قد اختار ميتشيل مبعوثا له لدي الشرق الأوسط وهو رجل معتدل وله سابق خبرة بالمشكلة‏.‏كذلك فانه تحدث بلغة تصالحية مع روسيا وايران‏..‏وهذه كلها وغيرها مؤشرات ايجابية‏..‏ إضافة إلي تحركاته الأخيرة‏..‏

من هنا فانني أتصور ان هذه معطيات جديدة ينبغي علينا التعامل معها‏..‏

*‏ الدكتور ابراهيم البحراوي‏:‏ ان هذه المؤشرات التي ذكرها الدكتور عبد اللاه تحتم علينا ترتيب البيت العربي لكي ننتفع بها‏.‏فاذا كانت الادارة الأمريكية قد استخدمت منطق الحوار مع ما كان يسمي‏'‏ محور الشر‏'.‏ وأبدت استعدادها للحوار مع ايران وسوريا‏..‏فإن هذا يلزمنا علي المستوي العربي تعميق واتمام المصالحة وهذه هي سياسة مصر والرئيس حسني مبارك الذي سبق وان قال‏'‏ اننا نترفع عن الصغائر‏'..‏ ولابد في رأيي من تعظيم القواسم المشتركة بيننا‏..‏وبناء موقف عربي متماسك وسليم‏..‏وأيضا موقف اقليمي متناسق وهنا يبرز الدور التاريخي لمصر‏..‏واذا كانت الولايات المتحدة قد تنازلت عن خصوماتها مع بعض الدول فإنه من باب أولي ان تبادر مصر الكبيرة الي هذا‏..‏

وبعد هذا ـ وخلاله ـ علينا مواصلة السعي لاتمام المصالحة الفلسطينية ـ التي قطعت شوطا طويلا ـ لاستثمار سياسة أوباما التي اعتمدت اقرار السلام علي أساس قيام دولتين فلسطينية واسرائيلية‏..‏حتي نقطع الطريق أمام اسرائيل‏.‏

وبإتمام المصالحة العربية كاملة‏..‏والمصالحة الفلسطينية بوحدة الفصائل‏..‏نكون قد جهزنا المسرح العربي للانطلاق‏..‏وحسن التعامل مع الادارة الأمريكية الجديدة والاستفادة من توجهاتها الجديدة‏..‏

*‏ الدكتور نبيل شعيب‏:‏ إنني أؤيد ما قاله الدكتور عبد اللاه والدكتور البحراوي‏..‏وأضيف ان ما حدث من تغيير في الولايات المتحدة سيؤثر علي العالم كله‏..‏وليس فقط علي العرب‏..‏فان الرئيس السابق جورج بوش يعد في رأيي أسوأ رئيس في تاريخ الولايات المتحدة فقد كان‏'‏ كاوي بوي ـ راعي بقر‏'‏ يعتقد انه مكلف برسالة سماوية لاصلاح العالم وتشكيل امبراطورية أمريكية‏..!‏ ومن الواضح ان التغيير بانتخاب‏'‏ أوباما‏'..‏يدعو الي التفاؤل ومن اللافت للنظر فإنه في خطابه الرئاسي ذكر المسلمين قبل اليهود‏..‏فقد قال‏:'‏ المسيحيون والمسلمون واليهود‏'.‏ وهذه لها معناها‏..‏ولم تفت علي اليهود وكتبوا وتحدثوا بشأنها‏..‏كما يلفت النظر أيضا انه اختار قناة فضائية عربية‏..‏لتكون أول قناة تليفزيونية يتحدث اليها بعد تولي منصبه‏.‏

كذلك أؤيد ما قيل عن حسن اخياره لمبعوثه‏'‏ ميتشيل‏'‏ صاحب الخبرة السابقة فضلا عن انه من جذور لبنانية عربية‏..‏

ومن ناحية أخري يستلفت الانتباه انه منع المسئولين والموظفين في البيت الأبيض من تلقي الهدايا من جماعات الضغط الأمريكية ـ وأولها الجماعة اليهودية ـ‏..‏وهذه لها معناها‏!‏

لهذا وغيره التفاؤل يبدو واضحا‏..‏لكنه في نفس الوقت لا يعني ان كل شيء أصبح تماما وكل الحلول صارت ميسورة‏..‏لكنه يدعونا الي بذل مزيد من الجهد الذكي المدروس علي مستويات متعددة‏:‏ سياسية‏..‏واعلامية‏..‏ومدنيا‏..‏لاستكمال شرح قضايانا‏..‏ودعم فهمها وتأييدها‏..‏وهنا ـ كما قيل ـ دور مصر‏..‏لكنه أيضا دور دول عربية أخري‏..‏كما انه دور مهم لجامعة الدول العربية‏..‏

وأضيف ان التحرك العربي قد بدأ بالفعل‏..‏وأرجو ان يتزايد وبسرعةوعلي مستويات مختلفة فإن الفترة الأولي من عهد الادارة الجديدة مهمة جدا لتحديد المسار‏..‏

*‏ محمود مراد‏:‏ من المهم فعلا اتمام وممارسة المصالحة العربية الشاملة ـ بما قيها المصالحة الفلسطينية وأية خلافات ثنائية ـ واذا كنا نستعد لقمة عربية جديدة‏..‏فإنه من الضروري صياغة رؤية ـ أو ـ استراتيجية عربية شاملة تتعامل مع الواقع والمستقبل‏..‏ولا ألقي بالعبء علي القمة فإن أمامها جدول أعمال مشحونا‏..‏لكني أقترح عقد مؤتمر في نطاق جامعة الدول العربية ـ ولعلها هي التي تتبني الفكرة وتدعو مجموعة كبيرة من المفكرين والمثقفين والمعنيين بالشأن العام‏..‏من العقول العربية لمناقشة هذا ـ بحضور مسئولين حتي لا يحدث انفصال ـ وتكون النتيجة مشروعا ضخما مهما قد يطرح بعد ذلك لنقاش عام‏..‏وفي النهاية نجد وثيقة نسترشد بها وتهدينا الي طرق التحرك واساليبه‏..‏وفي ضوئها تنتج خططا تنفيذية‏..‏

واذ أؤيد ما قاله الدكتور نبيل من ضرورة التحرك خاصة في الفترة الأولي فربما أضيف ان التحرك ينبغي عدم اقتصاره علي المسئولين وانما لابد ان يشارك فيه المهتمون والمثقفون‏..‏وبحيث لا تقتصر الزيارات فقط علي واشنطون ونيويورك‏..‏ولكن تمضي الي سائر الولايات‏..‏

وأشير أيضا الي أهمية تنشيط الجاليات العربية‏..‏بأسلوب فاعل‏..‏وهذا لا يمكن ان يتم بتبعية المصريين في الخارج ـ كما يحدث عندنا ـ لوزارة القوي العاملة‏..‏وانما لابد من وزارة دولة أو‏..‏تتبع الخارجية برئاسة نائب وزير متفرغ ـ أو‏..‏يخصص لها مجلس قومي أعلي‏..‏له كيانه وصلاحياته‏.‏

واتصالا بهذا‏..‏فان احياء وتنشيط الجاليات العربية يلغي ما يسمي بالتطرف‏..‏أو‏..‏ما شابه‏!‏

ولنا في هذا أفكار كثيرة‏..‏ليس هنا مجالها‏.‏

*‏ الدكتور محمد عبد اللاه‏:‏ أتفق معك تماما‏..‏وأتفق مع ما قاله الدكتور البحراوي ود‏.‏ شعيب‏..‏وبالفعل كما قال الأستاذ محمود مراد فان الاهتمام بالجاليات أمر مهم‏..‏واذا كانت كل دولة عربية تهتم بأبنائها المهاجرين فإن الجالية العربية تدخل في اهتمام الجامعة العربية لتكوين‏'‏ لوبي‏'‏ عربي وهذه مسألة قانونية معترف بها في الولايات المتحدة‏..‏وفي المرحلة الحالية والقادمة ـ كما في الماضي ـ فإن دور مصر محوري‏..‏وهذا الدور يسعي إلي مصر‏..‏ولا تسعي مصر‏..‏اليه‏!‏

*‏ الدكتور ابراهيم البحراوي‏:‏ ان الدور يسعي دائما لمصر لأنها قادرة علي التعامل مع الأطراف الأخري واحتوائها‏..‏ومن هنا أنقل الي الاقتراح الذي طرحه الأستاذ محمود مراد وهو انشاء منتدي فكري استراتيجي لصياغة استراتيجية عربية‏..‏واذا كان قد اقترح ان تقوم الجامعة العربية بالدعوة الي مؤتمر لهذا الغرض‏..‏فانني أري ان تتولي مصر هذه المهمة علي عاتقها بمتابعة التأسيس لأنها قادرة علي احتواء كافة التيارات الفكرية باختلاف المذاهب السياسية والعقائدية‏..‏ولكي تعيد ترتيب الأفكار بأسلوب بناء يعيد ترتيب البيت العربي‏..‏وهذه تصبح بداية هامة جدا‏..‏

ان المفكرين والمثقفين السياسيين هم الأقدر علي تحليل الأوضاع وتشخيص الحالة العربية واستشراف المستقبل‏..‏وأرجو التركيز علي هذا الاقتراح والعمل علي تنفيذه‏..‏

*‏ الدكتور نبيل شعيب‏:‏ أؤيد ما قيل عن الاهتمام بالجاليات العربية لأنها بحكم خبرتي واقامتي هناك تملك حرية الحركة في كل الولايات‏..‏ والتأثير علي الرأي العام الأمريكي‏.‏

*‏ الدكتور محمد عبد اللاه‏:‏ هذا مهم جدا‏..‏ لأن الرأي العام‏..‏ ومراكز الدراسات وغيرها‏..‏ تؤثر علي صناعة القرار‏..‏ وأعضاء الكونجرس من بين الرأي العام‏..‏ وهذا خاصة اذا شرحنا موقفنا جيدا‏..‏ وخلقنا لنا مصالح مع الأمريكيين‏..‏ ولكن ـ وأكرر ما قلتموه ـ فقد آن الأوان لكي يسمع الأمريكيون كلمة عربية واحدة وليس أكثر من كلمة وأكثر من رأي‏..‏ وهذا يعيدنا الي ما تحدثنا به عن صياغة رؤية عربية‏..‏ والمنتدي الاستراتيجي‏..‏ والاتفاق علي موقف موحد‏..‏ وقد قال لي رسميون وأعضاء مجلس الكونجرس هذا‏..‏ بل ان بعضهم قال انه كان يلتقي بعرب يتحدثون بلغة معينة‏..‏ ثم علي السلم الخارجي وأمام أجهزة الاعلام يقولون كلاما مختلفا لم يحدث‏!!‏

اشترك في الندوة‏:‏
‏*‏ الدكتور محمد عبد اللاه‏:‏ مسئول العلاقات الخارجية في الحزب الوطني‏.‏
‏*‏ الدكتور ابراهيم البحراوي‏:‏ الاستاذ بجامعة عين شمس
‏*‏ الدكتور م‏.‏ نبيل شعيب‏:‏ عضو المجلس المصري للشئون الخارجية

‏‏‏‏‏‏‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق