برغم بارقة الأمل التي رآها أوباما في مؤشرات قد تفتح الطريق أمام خروج الاقتصاد الأمريكي من الخندق المظلم إلا أن الكثيرين يعتبرونه تفاؤلا في غير محله ولن يصمد طويلا مالم يتم التعامل بجرأة مع مشكلة ديون النظام المصرفي التي سقط بسببها نحو23 بنكا منذ بداية العام, وتمثل حتي الآن الحلقة الأضعف في برنامجه للانقاذ الاقتصادي.
الاقتصاديان البارزان الحائزان علي جائزة نوبل بول كروجمان وجوزيف ستيجليتز ينتقدان بشدة الخطة التي يطرحها تيموثي جايثنر وزير الخزانة لانقاذ البنوك بسبب التزامها الحذر, وانحيازها للحفاظ علي النظام القائم بدلا من رجه بقوة بهدف اصلاحه, ولأنها تعرض للخطر أموال دافعي الضرائب وتقوم علي افتراض غير واقعي بأن حالة الاقتصاد أقل سوءا مما يعتقده الخبيران المرموقان.
وفي المقابل يتربص رجال البنوك بالخطة لما تتضمنه, من تدخل حكومي سافر في النظام المالي, واجبار غير مفيد لكشف البنوك عن القيمة الحقيقية المتدنية للأصول المسمومة بطرحها للبيع في السوق مما يعرض مصداقيتهم للخطر. وقد دفع ذلك بعض البنوك إلي إعادة ما حصلوا عليه من دعم مقابل التخلص من الرقابة الحكومية.
خطة جايثنر التي ستدخل حيز التنفيذ خلال أسابيع تتضمن ضخ تريليون دولار لتمويل قروض منخفضة الفائدة لمستثمرين لتشجيعهم علي شراء الأصول المسمومة علي أساس أنها الآن مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية في ظل الوضع المتردي الحالي وتتوقع أن ترتفع أسعارها بمجرد خروج الاقتصاد من حالة الركود.
ولطمأنة المستثمرين تعفيهم الخطة من سداد القروض إذا لم تفلح الوصفة السحرية وهبطت الأسعار عن مستواها الحالي وتضمن مشاركتهم في الأرباح في حال حدوث العكس. وهو ما يعتبره ستيجليتز مقامرة بأموال دافعي الضرائب.
نقطة الخلاف الرئيسية هي أن كروجمان يري أن الكثير من أكبر عشرين بنكا أمريكيا مفلسة بالفعل وأن التباطؤ في تأميمها مؤقتا هو مضيعة للوقت ويؤخر عملية الخروج السريع من الأزمة, في حين يلتزم جايثنرالحذر ويعتقد أن حال البنوك أفضل حالا مما هو مفترض الآن ويخشي من أن تؤثر عملية التأميم سلبا وتزيد الركود عمقا ويأمل في نجاح خطواته الأقل راديكالية من خلال التعاون بين الحكومة والمستثمرين.
لا يملك أحد القطع بمن سيفوز في النهاية الجرأة أم الحذر لأن الإجابة علي السؤال الجوهري بشأن قدرة البنوك علي الصمود بعد اسقاط الأصول المسمومة من ميزانيتها مازال معلقا. ولكن المؤكد أن تفاؤل أوباما لن يكون له معني قبل التعامل مع هذه الحلقة الضعيفة التي تضعه في حالة مواجهة مع أعدائه الجمهوريين وأصحاب المصالح الراسخة في بقاء النظام الراهن وأقوي حلفائه الطبيعيين في آن واحد.
الأربعاء، 22 أبريل 2009
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق